من أين أبدا إصلاح نفسي وبناء ذاتي؟

سُئلتُ كثيرًا عن أول الطريق لبناء الذات وتربيتها، وقد ذكرته بتفصيله ومنهجيته فيما كتبت وسجّلت، ثم فكّرت إذا كنت سألخصه في خطوات معدودة فستكون:


(1)

أن تعي وتدرك أنك المسؤول الأول عن نفسك وما يصدر عنها ويعتمل فيها: أفعالك وكلامك ومشاعرك وقراراتك، والمكانة التي تُنزِل نفسَك إياها في نفسِك وفي نفوس الناس، والمكانة التي تجعل الناس ينزلونك إياها في العلاقات التي تختار أن تبنيها معهم أو تكون جزءًا مقدورًا فيها، فكما عليك – مثلًا – أن تكفّ عن غيرك أذاك وضررك المادي والمعنوي، كذلك عليك مسؤولية صون نفسك عمن وعما يؤذيها ولا ينفعها ماديًّا ومعنويًّا… وهكذا.


(2)

ثم تقرر قرارًا واعيًا وصريحًا مع نفسك أن تكون واحدًا من ثلاث: أن تتحمل تلك المسؤولية وما يترتب عليها من تربية نفسك وإنضاجها وتأهليها؛ أو أن “تطنش” تلك المسؤولية وتستمر بالعشوائية في الحياة كيفما اتفق وتلقي باللوم دائمًا على كل من وما حولك: فالأقدار ظالمة والظروف تعيسة والناس خبيثو النوايا والوقت يجري والشغل دوامة والأهل مملّون… إلخ؛ أو أن تكون بين بين، فحينًا أنت مسؤول عن نفسك وحينًا أنت معفي من أية مسؤولية وعلى الغير تحمّل تبعاتك، وفي بعض الأمور تواجه نفسك بنضج وصراحة لتقوّم المعوجّ من شأنك ثم في أمور غيرها تترك الحبل على الغارب فأنت مفعول به، معمول عليه، مضروب فيه، ميئوس منه!

فإما أن تقرر ما تريد أو تريد ما تقرر، وإما أن تعني ما تقول أو تقول ما تعني، وإما  أن تكون على قدر تطلّعاتك أو تُفصّل أهدافك على مقاسك، فتريح وتستريح من العبث بين بين!


(3)

وأيًّا ما يكن من شأنك في هذه الحياة، وأيًّا ما تكن ظروفك، اعلم علم اليقين أنك لست المبتلى الوحيد في هذا الكون، ولست المختبر الوحيد بهذه الحياة، ولست المسؤول الوحيد عن نفسه؛

وأنك قد تخرج من هذه الدنيا لا يَدين لك أحد بشيء مهما عشت تظنّ غير ذلك؛ لكنك قطعًا – شئت أو أبيت – تخرج منها مدينًا لربك تبارك وتعالى بالحساب عمرك فيمَ أفنيته، وعن شبابك فيمَ أبليْتَه، وعن مالك من أين اكتسبته وفيمَ أنفقته، وعن علمك ماذا عملت فيه.


(4)

فأَسْلِم صدقًا تَسلم أبدًا؛

واستعن بالله ولا تعجز؛

وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة؛

ولتسعك نفسك؛

واحرص على ما ينفعك؛

وخذ العفو من الناس وأعطِ العفو من نفسك (ما تطيب به النفس من أعمال وأخلاق دون تحسس أو منّ أو أذى)؛

واعمل صالحًا وادعُ إلى صالح؛

وأعرض عن الجاهلين؛

واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

والله تعالى الموفق إلى كل خير، والمستعان على كل أمر، والمُجيب في كل حين، والوليّ لكل مؤمن.

اكتب تعليقا

قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑