لماذا نضعف عند التنفيذ وننتكس عن الاستمرار؟

لماذا نضعف عند التنفيذ أو ننتكس عن الاستمرار حتى بعد اتضاح المنهجية ووضع الخطة؟

هذا السؤال الذي ننتهي له دائمًا بعد إنهاء أي دورة أو ندوة أو كتاب يوضّح لنا ما كان خافيًا علينا ، ويجلو غوامض السعي في الحياة التي كنا متوقفين عن السعي بسببها . فإذا اتضح الخفي وانجلى الغامض ، وجدنا أننا ما زلنا واقفين جامدين ، لكن شقاءنا تضاعف لأننا صرنا نعلم بعد جهل وحالنا كحال الجاهل ، وانقطعت حجّتنا بعد البيان وحالنا كحال من لم يأتِه بيان ولا أقيمت عليه حجّة!

جمعت فيما يلي أهم خمسة بنود أجدها جذور ذلك الإشكال ، ثم تجميعها كلها في البند الختامي السادس ، والله تعالى ولي التوفيق ورازق العزم .

 02e4c6fedafa5185bd3b33a4b625c10a


  1. قصر نظرنا للذة والألم

أرأيتَ لو أن 100 شخص أتيح لهم “بوفيه” مفتوح ومجاني تماما ، يعرض كل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين من الحلوى المشرقية والمغربية . فلما همّ الناس بالمبادرة إليه ، قيل لهم إن ثمة تفصيلة صغيرة ، مفادها أن في تلك الحلوى نوع سمّ مدسوس بقدر صغير جدا ، بحيث لا يؤثر في البَدَن إلا على مدار سنوات .

ماذا تتوقع؟ إذا كنت تظن أن الكل – أو على الأقل الغالبية – امتنعت عن الأكل وقاومت إغراء الموجود ومجانيته المادية ، فيؤسفني أن أخيب توقعاتك . 95% توجهوا على دفعات ومراحل للأكل من الحلوى ، في البداية على تحرّج وتخوّف وحسبان لقدر ما يأخذون ، ثم مع مضي الوقت والانغماس في الملذات التي كانت تتسع ، كاد الناس ينسون قصة السم المدسوس أصلا!

لعلك تظن أن أولئك مجانين لا ريب! وأنك لو كنت مكانهم لما خاطرت بحياتك أو بعض منها لقضمات من الحلوى المجانية!

هكذا إذن؟! 🙂

فكيف لو قلت لك إن تلك الحلوى المسمومة ، وتعامل تلك المجموعة معها ، ليس إلا صورة مصغرة من تعاملنا اليوم مع أهوائنا وملذاتنا الشخصية ، من المرئيات والموسيقى والقصص والنوم والخروجات وحفلات التجمعات ومجالس الغيبة والنميمة والفشر والتنكيت! أترى أن الذي يصرف غالب عمره وزهرة شبابه في مثل ذلك اللهو والعبث وإدمان اتباع الهوى والانغماس في السُّكْر الرّوحي ، هو أحرص من أولئك المجانين على حياته وأعقل منهم في حفظها؟ أليس في “مجانية” اتباع الهوى دون رقيب أو حسيب من السم ما كان في تلك الحلوى؟!

ترى ، ما الذي يغيّب عقولنا وقت الهوى مع أنه يثوب إلينا ونحن نحكم عليه من الخارج؟ إنه إغراء نشوة اللذة وزينتها ، الفورية ، العاجلة ، الملموسة ، المادية (كالحلوى أو أي نوع ملذات مشابهة التوصيف) . أما العقل فيحاول تنبيهنا وإيقاظنا لمحاذير تمثل في شعورنا ألما ووجعا وخطرا ، وعلى خوفنا من الألم والوجع والخطر إلا أنه مؤجل ، مؤخر ، غيبي ، ليس حاضرا الآن ولن نواجهه في التو والحال . ومن هنا تكون الغلبة لسطوة الهوى على سلطان العقل في مواقف كتلك ، ولجاذبية اللذة المشهودة المحسوسة فورًا ، على مخاوف الأذى المُغيّبة حتى حين .

c84498da7ba743ccffd5a17079e90543--amazon-box-amazons

إن إدمان اتباع الهوى وتدليل النفس على راحتها يشعرنا بلذة فورية عاجلة ، لكن هذا النهج على المدى البعيد يخلق شعورًا موازيًا بالألم والوخز الداخلي . في المقابل ، عندما نقرر أن نضبط نهج حياتنا ليكون أكثر رشادًا وترشيدًا ، سنشعر في البداية بسبب فارق الاعتياد بنوع ألم عاجل ، متمثلًا في الجهد والمجاهدة لضبط دلال النفس ومقاومة إغراءاتها . ثم بالصبر على النهج الجديد حتى تنقاد له النفس ، يستشعر صاحبه لذة آجلة من اتساقه مع ما يعلم أنه ينبغي أن يكون .

اللفتة هنا أننا نستسهل اللذة العاجلة على الآجلة ، وننجرف لقبضتها ، ونضعف عندما نوازن بين ألم “مؤجل” وألم “معجّل” ، ولا نتوقف دقيقة لنتفكر أننا سنكابد على كل حال! لكن أن تكابد على مسار متسق مع مقاصد خلقك ، وتنسجم مع ما وقر في نفسك من أنك لم تخلق للعبث واللهو المطلق وإهدار العمر فيما لا ترجو ثوابه وتتحمل حسابه ، هذه المكابدة خير وأبقى من تلك التي مهما أمتعتك ساعة آلمتك دهرًا ، خاصة حين لا ينفع ندم ولا رجعة .

ومن تفسيرات تسمية يوم الحساب بيوم التغابن – من الغُبْن وهو النقصان والخسارة – أنه يوم “غبن كل كافر بتركه الإيمان ، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان” [تفسير البغوي].


  1. التفرقة بين المعرفة والاعتقاد ، والمنهج والأدوات

لي صديقة سمعتْ كثيرًا عن فوائد التخفف من السكر الصناعي أو تركه تماما ، فكانت تهز كتفيها هزة من “عرف” فائدة لكنه لا يعتقد حاجته لتطبيقها على نفسه ، لأنها لم تكن ممن يتناولون السكر الصناعي أصلا إلا في المشروبات ، ولا تتقبل مبدأ حرمان نفسها تلك اللذة الباقية المحدودة  .

ثم قًدّرت لها وظيفة مكتبية لساعات طويلة ، فكانت تعوّض حاجتها للنوم أو الطعام بكثرة الشراب ، وكثرة الشراب تعني كثرة السكر ، وكثرة السكر مع كثرة الجلوس بشكل يومي أسبوعيا ، أثمرت في شهر زيادة في وزنها بشكل فزعت منه ولم تتقبله ، خاصة عندما تفكّرت في عواقبه على المدى البعيد .

ماذا فعلت صاحبتنا وقتها ؟ في اليوم التالي لذلك الشهر بدأت يومها بأول مشروب لها بدون سكر! هكذا فجأة ومباشرة وفي أقل من دقيقة تفكير! وتلا هذا المشروب ثانٍ وثالثٍ ورابع ، وتوالت الأيام ، والشهور ، حتى صارت تعتاد مشروباتها دون سكر ، بل لم تعد تطيق السكر الصناعي حتى في صناعة المخبوزات والكعك وخلافه!  

ما الذي جرى ليغير صاحبتنا تلك ويرزقها تلك “الإرادة الحديدية” لتلزم في سويعات ما قد يستغرق غيرها زمنا ليحايل نفسه عليه ، ثم تثابر عليه مثابرة دون انقطاع أو تململ؟

لقد قام في نفسها “اعتقاد حاجتها” لذلك الترك ، بعد أن كان في نفسها مجرد “معرفة بأهميته” .

58e42c86873f5f84b7a26d915d41cd0b

معرفة أهمية أمر وملك أدوات تنفيذه شيء ، واعتقادك حاجتك له وبالتالي دافعك لعمله أو انتهاجه شيء آخر تماما . الأول سيارة ، والثاني الوقود . بدون الوقود لا تنفعك السيارة ، وبدون السيارة سيهدر مخزون الوقود .

كذلك ، إتقانك فنون التخطيط وتمرّسك في وضع الخطط وحضورك الدورات التنموية وخلافها سيمكّنك من الأدوات ، وسـ “يعرّفك” كيف ترص الأهداف وتوزّعها على الأوقات . لكن اعتقادك بحاجتك لتلك الأهداف ، واعتقادك بضرورة تحقيقها بنفسك من نفسك لنفسك ، هو ما سـ “يدفعك” للنهوض من فراشك أو ترك ألعابك أو وقف لهوك ، والالتزام بما قام في نفسك الواجب بالتزامه .

إذا قام في نفسك وقود العقيدة ستجد السيارة انطلقت تلقائيًا ، دون الحاجة للتنقيب عن دهاليز العزم والسؤال في ألغاز الهِمّة . متى صار أمر ما هَمَّك تلقائيًا ستهُم به . لكننا لا نعتقد كفاية ولا نستشعر حاجتنا حقًا للفعل أو الترك ، فلا نعزم بداية ولا نثابر نهاية ، وإن خططنا فيما بينهما من باب “إراحة الضمير” والأخذ بأيسر الأسباب “المعلّبَة” في قوالب جاهزة . فرص الكلمات في الكراريس هيّن مقارنة بمكابدة التحقيق والتحقق!

ثم إن الخطة في النهاية أداة تعينك على إدارة وقتك ، لا التحكم في أقدار حياتك وأحداث يومك . لكننا نقبل على التخطيط إقبال من ينتظر من الخطة أن تنظم له حياته أو نضعها وضع مالك لزمام الأقدار فيسوؤنا أن تسير الأمور “عكس ما خططنا” أو يحتاج لعوننا من لم نحسب حسابه في جدولنا المحكم كوالدينا الملحاحين وأهلنا المزعجين! فنلقي بالتخطيط والخطة والحياة ككل من النافذة ونستلقي على الأريكة أمام التلفاز طالما أنها لا تفرق!

[وهذا البند تم نقاشه تفصيلًا في مقال : هل نخطط لحياتنا أم نستسلم لأقدارنا؟ https://goo.gl/zKfKiC]


  1. التفكّر وحوار النفس

وهذا مفتاح غرس الاعتقاد وملء الوقود ، أن تعامل نفسك معاملة ناضجة راشدة إذا شئت لها أن تغدو ناضجة راشدة ، وتخرج بها وبنفسك عن الطوق الطفولي أو العنادي .

إن تعاملنا مع نفوسنا يدور غالبًا بين :

– دراما الجلد والمعاداة ، بدوام التأنيب والتوبيخ والسب لنفسك : فتتمرد عليك وتعاديك بدورها ، وتعيش في حرب داخلية أنت قائدها وضحيتها في آنٍ معًا .

– تدليل الطفولة والهوى ، بترك الحبل لها على الغارب تفعل ما تهوى متى شاءت وأنت مطيع مستسلم : فتستأسد عليك في مطالبها وتصير أنت الخاضع لها لا المالك لزمامها (تمامًا كالطفل الذي يرتمي أرضا في عويل ونواح إذا رفض طلبه فتذعن له أمه مباشرة تجنبا للإحراج ، وبتكرار ردة الفعل يعتاد الطفل الفعل!)

– سلبية تجاهلها حتى تقع بينكما الوحشة والغربة ، فكأنك تعيش منفصمًا أو مثقلا بحَمل شخصين متنافرين متخاصمين في داخلك

والعلاج أن تبدأ باحترام نفسك ، فتحاورها بلا رهبة ولا مواربة ، لأنه إذا كان صديقك مرآتك ، فنفسك هي ذات انعكاسك في المرآة وهي أولى بالصراحة والشفافية معها . لا بد أن تعي أن نفسك مطيّتك ومعبرك لخوض رحلة هذه الحياة ، فسبحان الله! إذا عاديت مطيّتك وهدمت معبرك بمختلف صور سوء التعامل والإدارة ، فكيف تتوقع أن تخوض الرحلة على سواء؟!

82355e2ea79e0251febd177127eee5ef

ومن نماذج الأسئلة التفكرية :

  • ما الذي يعنيه لي هذا الوجود؟

  • ما الذي يعنيه لي وجودي؟

  • ما الذي يعنيه لي النجاح؟ والفلاح؟ والحياة الكريمة؟

  • ما مدلول المسؤولية عندي؟ إلى أي مدى أتحمل مسؤولية نفسي بصدق؟

  • هل أنفع نفسي أم أظلما بنهج معاملتي الحالية لها؟

  • ماذا جنيت من طول اتباع الهوى وترك نفسي على راحتها؟ هل أنا مرتاح فعلا في نهج حياتي هذا؟

  • ما الذي يعنيه لي (الله) جل وعلا؟

  • إلى أي مدى أنا مسلم لله؟

  • ما معنى كوني مسلمًا؟ ما الذي ينبغي أن يترتب على ذلك في نهج حياتي واعتقادي عن الحياة نفسها؟

  • ما مدى صدقي في ارتضائي الله ربا والإسلام دينا ومحمدا رسولا؟

  • ما مدى فهمي لغاية الخلق التي أعلنت الإيمان بها؟

  • ما الذي أرجو ثوابه عند الله إذا مت على حالي الآن؟ وما الذي أخشى عقابه؟

  • هل يرضيني الاستمرار في إنفاق عمري على النحو الحاصل حاليا؟ هل أنا مستعد للحساب المترتب عليه؟

  • فإن لم يكن مرضيا لي فما العمل؟

  • هل لي طاقة صبر على هذا التغير؟

  • هل ما سردت من أهداف تعنيني فعلًا وأرتضي المكابدة في سبيل تحقيقها؟

ثم لا بد بعد الحوار والتفكر من دوام التذكرة . فلا يصلح أن تضع خطة في مرة أو تجلس مع نفسك جلسة ثم تعود فتهملها دون متابعة وتذكرة وتصبير وتحفيز ، من نفسك بنفسك ، وإلا ستجدها ببساطة عادت سيرتها الأولى ، لأنها تميل مع تسييرك لها حيث تميلها . وهي تشبه في هذا مجرى مائيًا سيسير فيه الماء بطول المجرى وينحني مع انحناءاته ، فالتحكم ليس في سريان الماء ذاته لكن في مجراه ووجهته .


  1. الصبر على الرحلة بعد ارتضاء الوجهة

طالما أنك صغت منهج حياة ترتضيه ، أي تعلم مسؤوليتك عنه ومتيقظ لمقاصد ما تعمل وما تترك وترتضي عواقب كل وثمن الموازانات بينهما ، لم يبق إلا أن “توطّن” نفسك على الصبر . الصبر أولا على النقلة ، ثم الصبر على الخوض في النهج الجديد ، ثم الصبر على الثبات فيه بعد استقامته لك . أن توطّن نفسك على أمر يعني أن تتخذه وطنا تقيم فيه ، ولا تعرف مكانًا غيره إذا تركته .

ومن هنا فـ “توطين” النفس كلمة مفتاحية في التحقق بفضيلة الصبر . لأنها تقطع على النفس ذبذبة الشعور بوجود مهرب أو مخرج أو منفذ آخر . فإذا قطعت عليها زوغان نظرها ذاك ووطنتها على أن هذا السبيل وليس أمامها غيره ، استكانت وتقبلت المبدأ وانقطعت عن التشتت ، وصار ما بينك وبينها ترويض على هذا السبيل ، ومهما حاولت أن تروغك ستظل فلتاتها في نطاق السيطرة .

ومما يعين على توطين النفس استحضار حقيقة أننا مضطرون للعمل في سن متأخرة بـ “أثر رجعي” لتعويض ما فات أو إصلاح ما فسد في سن مبكرة ، فليس من المنطق استعجال هذا بتلك ، ولا من المصلحة الاستمرار في البناء على أساس نخر لأنك مستعجل على إقامة البنيان ولو على حَرْف ، ولو على علمك أنه سينهد في النهاية وتعود أدراجك الأولى بعد تضييع المزيد من العمر فوق ما ضاع! (على فرض أنه سيكتب لك من العمر الكفاية لتتحمل الخسارتين ثم تعوضهما!) .

 


  1. الزم حدودك لكن لا تتحجر عندها

عليك السعي واحتساب الرحلة وليس عليك ضمان الأثر أو تمام الوصول (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)

عليك إصلاح نفسك وليس عليك صلاح الآخرين (لا تكلّف إلا نفسك ، وحرّض المؤمنين)

عليك البلاغ وليس عليك قسر القناعات (إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)

عليك التزكي وليس عليك الزكاة (قد أفلح من زكّاها) (إن علينا للهدى)

إن الوعي بحدود دورك والتأدب بمحدودية طاقتك يورثك التركيز الصادق والجاد فيما طُلب منك الاشتغال به ، ويوسّع عليك آفاق الأمل والرجاء في حسن العاقبة عندما تفوض القدرة لذي القدرة ، وتستعين على ضعفك بذي القوة ، وعلى تحوّلك بذي الحول ، سبحانه وتعالى .

والذي تثقل عليه الحياة فلأنه ألزم نفسه من الإلزامات ما ليس مُلزِمًا له شرعًا ، ولا هو متفق معه عرفًا . وإذ ذاك فالذي يثقل علينا ليس الالتزامات بذاتها ، وإنما ضعف اعتقادنا في مسؤوليتنا عنها أو حاجتنا إليها . وإلا فكم من صاحب مشروع أو مبدأ يبذل فيه من طاقات نفسه فوق ما يُتصور فلا يهدّه ذلك بل يزيده حياة ، وكم من مقهور على أمر لا قناعة له به مهما صغر ينقطع نفسه عند كل حبوة يحبوها كسلحفاة تتسلق جبلا!

2068093

ثم المنشأ الثاني لثقل حياتك عليك هو تكليف نفسه ما ليس في نطاق وسعها أصلا ، وشغلها بما لا سلطان لها عليه ، فتورثها الحسرة والكَمَد ، كالتوجس من النتائج والاغتمام بتصاريف القدر والقلق من تحصيل الرزق وتوهم ضمان المستقبل وقياس قيمة وجودك بهيلمان أثرك لا بقدر عملك . ومردّ ذلك كله إلى أنك لا تتسق مع وضعك وتكوينك كعبد ، لا يملك من الأمر شيئًا على الحقيقة ، إلا أن يتوجه بحاجته لمن بيده الأمر كله . ولا يستجلب بسعيه الضعيف شيئًا على الحقيقة ، إلا أنه يتعبد لله بالتزام أمره في ابتغاء فضله  .

ما يريده الله منك قد أبلغك به ، فالزمه ولا تزد من عند نفسك تشريعًا ولا تكلف نفسك فوق ما كلفها الذي خلقها .

وما يريده بك قد طواه عنك حتى حين ، فتستجلبه من عنده هو ، بصدق استهدائه واستعانته ، والتزام ما اتضح لك حتى يبين لك ما بعده مما يسرك له.

وما يريده لك قد طواه عنك حتى لقياه ، فلا تملك فيه إلا أن تؤمل خيرا وتظن بالله ما الله أهله وتثق بوعوده وبشرياته لمن آمن وعمل صالحًا .

فلا تحجّر فضل ربك ونوره عند حدود عملك وضعف أدائك ، ولا تَقِس الهداية والرشاد قياسات تجارية ، فتحسب أنك بركيعات في الليل قد استحققت على الله المكانة ، أو تقنط من ذنب واقعته من سَعَة توبة الله عليك .

 


  1. استعن بالله ولا تعجز

تحرك يا عبد! وكف عن افتعال الحيرة والتوهان في غياهب الملكوت . الزم ما عليك مما بيّنه ربك لك تجد النور غمرك ، لأن السبيل لا يتضح إلا لسائر .

تأدّب يا عبد! وكف عن اعتقاد البطولة في نفسك أو تجارية المعاملة مع ربك ، واشدد على حبل الله الممدود لك تشديد عبد يوقن أن ما توفيقه إلا بالله .

اخشوشن يا عبد! كف عن الدلال واتباع المزاج والشكوى من الصعوبات ، واجه نفسك واتفق معها على عقيدتك في الحياة ثم جاهد للاتساق مع ما تعتقد ، ومصابرة نفسك على استثمار أنفاسك . فإنك تدفع من نفسك لنفسك أو عليها!

يا عبد!

خذ الحياة بقوّة!

 

 

 

رأيان حول “لماذا نضعف عند التنفيذ وننتكس عن الاستمرار؟

اضافة لك

  1. هل من الممكن أن تجيب الأستاذة عن بعض الأسئلة التفكرية .. من منظورها الشخصي .. علنا نقتدي بها

    أسئلة كتلك عن الوجود والحياة الكريمة والله .

    إعجاب

    1. أظهر صياغة عملية لها تجدونها في رواية (سلمى قصة الحب والقَدَر) ، وإلا فالإجابة مبثوثة في الفكر الذي أعرضه في المقالات والكتب والتسجيلات

      Liked by 1 person

اكتب تعليقا

قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑